اللهم استجب

سبحانك وبحمدك وأستغفرك أنت الله الشافي الكافي الرحمن الرحيم الغفار الغفور القادر القدير المقتدر الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور... الواحد الأحد الواجد الماجد الملك المغيث لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ..لك الملك ولك الحمد وأنت علي كل شيئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بك وأستغفرك اللهم بحق أن لك هذه الأسماء وكل الأسماء الحسني وحق إسمك الأعظم الذي تعلمه ولا أعلمه أسألك أن تََشفني شفاءا لا يُغادر سقما وأن تَكفني كل همي وتفرج كل كربي وتكشف البأساء والضراء عني وأن تتولي أمري وتغفر لي ذنبي وأن تشرح لي صدري وأن تُيسر لي أمري وأن تحلل عُقْدَةً  من لساني يفقهوا قولي وأن تغنني بفضلك عمن سواك اللهم أصلحني: حالي وبالي وأعتقني في الدارين وخُذ بيدي يا ربي وأخرجني من الظلمات الي النور بفضلك  وأن ترحم وتغفر لوالديَّ ومن مات من اخوتي وان تغفر لهم أجمعين وكل من مات علي الايمان والتوبة اللهم آمين  //اللهم تقبل واستجب//https://download.tvquran.com/download/selections/315/5cca02c11a61a.mp3

الثلاثاء، 22 مارس 2022

2.المحلى ابن حزم - المجلد الرابع/تابع كتاب الكتابة (مسأله 1690 - 1703) ابن حزم +محلى ابن حزم - المجلد الرابع/كتاب صحبة ملك اليمين من(مسأله 1704 الي 1706}



2.محلى ابن حزم - المجلد الرابع/كتاب الكتابة (مسأله 1686 - 1689) ابن حزم
 


كتاب الكتابة

1690 - مسألة: ولا تجوز كتابة مملوكين معا كتابة واحدة , سواء كانا أجنبيين أو ذوي رحم محرمة.

برهان ذلك. أنها مجهولة لا يدرى ما يلزم منها كل واحد منهما أو منهم وهذا باطل

وأيضا : فإن شرطه أن لا يعتق منهما واحد إلا بأداء الآخر , وعتقه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ,

قال الله عز وجل : {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} فصح أنه عقد مخالف للقرآن فلا يجوز ، ولا يقع به عتق أصلا أديا أو لم يؤديا

وهو قول أصحابنا.


1691 - مسألة: وبيع المكاتب , والمكاتبة ما لم يؤديا شيئا من كتابتهما جائز متى شاء السيد , وكذلك وطء المكاتبة جائز ما لم تؤد شيئا من كتابتها , فإن حملت أو لم تحمل فهي على مكاتبتها , فإذا بيع بطلت الكتابة فإن عاد إلى ملكه فلا كتابة لهما إلا بعقد محدد إن طلبه العبد أو الأمة فإن أديا شيئا من الكتابة قل أو كثر حرم وطؤها جملة , وجاز بيع ما قابل منهما ما لم يؤديا. فإن باع ذلك الجزء بطلت الكتابة فيه خاصة وصح العتق فيما قابل منهما ما أديا , فإن عاد الجزء المبيع إلى ملك البائع يوما ما لم تعد فيه الكتابة ، ولا الرجوع في الكتابة أصلا , بغير الخروج من الملك.

وكذلك إن مات السيد فإن ما قابل مما أديا حر وما بقي رقيق للورثة قد بطلت فيه الكتابة , فإن كانا لم يكونا أديا شيئا بعد فقد بطلت الكتابة كلها , وهما رقيق للورثة.

وكذلك إن مات المكاتب أو المكاتبة ولم يكونا أديا شيئا , فقد ماتا مملوكين , ومالهما كله للسيد , فإن كانا قد أديا من الكتابة فما قابل منهما ما أديا فهو حر , ويكون ما قابل ذلك الجزء مما تركا ميراثا للأحرار من ورثتهما , ويكون ما قابل ما لم يؤديا مما تركا للسيد , وقد بطل باقي الكتابة , وما حملت به المكاتبة قبل الكتابة أو بعدها , إلى أن يتم له مائة وعشرون ليلة مذ حملت به , فحكمه حكمها حتى يتم له العدد المذكور , فما عتق منها بالأداء عتق منه. فإذا نفخ فيه الروح فقد استقر أمره ، ولا يزيد قيمة العتق فيه بعد بأدائها.

برهان ذلك ما ذكرناه في المسألة التي قبل هذه من حكم رسول الله ﷺ بأن المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى , ويرق بقدر ما لم يؤد فهذا يوجب كل ما ذكرنا , وإذ هو عبد ما لم يؤد , فبيع المرء عبده ووطؤه أمته حلال له , وما علمنا في دين الله تعالى مملوكا ممنوعا من بيعه. ومنع الحنفيون , والمالكيون من البيع والوطء , وما نعلم لهم في ذلك حجة أصلا , لا من قرآن , ولا سنة , ولا قياس , ولا معقول , بل قولهم خلاف ذلك كله , لا سيما احتجاجهم لقولهم الفاسد بما لم يصح من أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم , فإذ هو عبد , فما المانع من بيعه , وإذ هي أمة فما المانع من وطئها , والله تعالى يقول : {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} فلا تخلو من أن تكون مما ملكت يمينه فوطؤها له حلال , أو مما لا تملك يمينه , فهي إما حرة

وأما أمة لغيره , لا يعقل في دين الله تعالى وفي طبيعة العقول إلا هذا. ولو أنهم اعترضوا بهذا على أنفسهم مكان اعتراضهم على رسول الله ﷺ في تزوجه أم المؤمنين صفية , وجعل عتقها صداقها , فقالوا : لا يخلو من أن يكون تزوجها وهي مملوكة له , فلا يجوز ذلك , أو يكون تزوجها وهي حرة فهذا نكاح بلا صداق , لكان أسلم لهم من الإثم في الأخرى , ومن السخرية بهذا القول السخيف في الأولى. وجوابهم : أنه عليه الصلاة والسلام ما تزوجها إلا وهي حرة بصداق صحيح , قد حصلت عليه وآتاها إياه , كما أمره ربه عز وجل , وهو عتقها التام قبل الزواج إن تزوجته. ولا يخلو المكاتب ضرورة من أحد أقسام أربعة لا خامس لها : إما أن يكون حرا من حين العقد كما ذكر عن بعض الصحابة ، رضي الله عنهم ، وهم لا يقولون بهذا أو يكون عبدا كما يقولون أو يكون عبدا ما لم يؤد فإذا أدى شرع فيه العتق فكان بعضه حرا وبعضه مملوكا كما نقول نحن أو يكون لا حرا ، ولا عبدا , ولا بعضه حر , ولا بعضه عبد , وهذا محال لا يعقل. فإذ هو عندهم عبد فبيع العبد ووطء الأمة حلال ما لم يمنع من ذلك نص , ولا نص هاهنا مانعا من ذلك أصلا , بل قد جاء النص الصحيح , والإجماع المتيقن على جواز بيع المكاتب الذي لم يؤد شيئا.

كما روينا من طريق البخاري ، حدثنا قتيبة ، حدثنا الليث ، هو ابن سعد ، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين أخبرته أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا فقالت لها عائشة : ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا وقالوا : إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال لها رسول الله ﷺ : ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق قالت : ثم قام رسول الله ﷺ فقال : ما بال الناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى من اشترط شرطا ليس في كتاب الله تعالى فليس له وإن اشترط مائة مرة. شرط الله أحق وأوثق.

ومن طريق مسلم ، حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا هشام بن عروة يعني عن أبيه أخبرتني عائشة أم المؤمنين قالت : دخلت علي بريرة فقالت : إن أهلي كاتبوني على تسع أواق في تسع سنين في كل سنة أوقية فأعينيني فقالت لها : إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت ذلك لأهلها فقالوا : لا إلا أن يكون الولاء لهم قالت : فأتتني فذكرت ذلك فانتهرتها فقلت : لاها الله إذا , فسمع رسول الله ﷺ ذلك فسألني فأخبرته , فقال : اشتريها فأعتقيها واشترطي لهم الولاء فإن الولاء لمن أعتق ففعلت , ثم خطب رسول الله ﷺ عشية فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله , ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط كتاب الله أحق وشرط الله أوثق وذكر باقي الحديث.

ومن طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم المؤمنين عائشة نحوه.

ومن طريق البخاري ، حدثنا أبو نعيم هو الفضل بن دكين ، حدثنا عبد الواحد بن أيمن حدثني أبي أيمن قال : دخلت على عائشة أم المؤمنين فقلت لها : كنت لعتبة بن أبي لهب ومات وورثه بنوه وإنهم باعوني من ابن أبي عمرو المخزومي فأعتقني واشترط بنو عتبة الولاء فقالت عائشة : دخلت علي بريرة وهي مكاتبة فقالت : اشتريني فاعتقيني فقلت : نعم , فقالت : لا يبيعونني حتى يشترطوا ولائي , فقلت : لا حاجة لي بذلك , فسمع بذلك النبي ﷺ أو بلغه فقال لعائشة : اشتريها وأعتقيها فذكرت الخبر.

ومن طريق أبي داود ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، هو ابن سلمة عن خالد هو الحذاء عن عكرمة ، عن ابن عباس أن مغيثا كان عبدا فقال : يا رسول الله اشفع إليها فقال لها رسول الله ﷺ : يا بريرة اتقي الله فإنه زوجك وأبو ولدك , قالت : يا رسول الله تأمرني بذلك قال : لا , إنما أنا شافع , فكانت دموعه تسيل على خده فقال رسول الله ﷺ للعباس : ألا تعجب من حب مغيث بريرة وبغضها إياه .

ومن طريق سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، حدثنا خالد عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما خيرت بريرة رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة ودموعه تسيل على لحيته , فكلم له العباس النبي ﷺ أن يطلب إليها , فقال لها رسول الله ﷺ : زوجك وأبو ولدك فقالت : أتأمرني به يا رسول الله قال : إنما أنا شافع , فقالت فإن كنت شافعا فلا حاجة لي فيه , واختارت نفسها , وكان يقال له : المغيث , وكان عبدا لأل المغيرة من بني مخزوم , فقال رسول الله ﷺ للعباس : ألا تعجب من شدة بغض بريرة لزوجها ومن شدة حب زوجها لها فهذا خبر ظاهر فاش , رواه عن النبي ﷺ عائشة أم المؤمنين , وبريرة , وابن عباس. ورواه ، عن ابن عباس عكرمة , وعن بريرة عروة , وعن أم المؤمنين القاسم بن محمد , وعروة بن الزبير , وعمرة , وأيمن. ورواه عن أيمن ابنه عبد الواحد , وعن عمرة : يحيى بن سعيد الأنصاري وعن القاسم : ابنه عبد الرحمن , وعن عروة : الزهري , وهشام ابنه , ويزيد بن رومان. ورواه عن هؤلاء الناس , والأئمة الذين يكثر عددهم , فصار نقل كافة وتواتر لا تسع مخالفته وهذا بيع المكاتب قبل أن يؤدي شيئا. ولا شك عند كل ذي حس سليم أنه لم يبق بالمدينة من لم يعرف ذلك ; لأنها صفقة جرت بين أم المؤمنين وطائفة من الصحابة وهم موالي بريرة. ثم خطب الناس رسول الله ﷺ في أمر بيعها خطبة في غير وقت الخطبة ، ولا يكون شيء أشهر من هذا. ثم كان من مشي زوجها يبكي خلفها في أزقة المدينة ما زاد الأمر شهرة عند الصبيان والنساء والضعفاء , فلاح يقينا أنه إجماع من جميع الصحابة , إذ لا يجوز ألبتة أن يظن بصاحب خلاف أمر رسول الله ﷺ الذي أكد فيه هذا التأكيد. وهذا هو الإجماع المتيقن لا إعطاء صاع من حنطة صدقة في بني الحارث بن الخزرج على نحو ميل من المدينة , ولا جلد عمر أربعين جلدة زائدة على سبيل التعزير في الخمر قد صح عنه خلافها , وعن غيره من الصحابة قبله وبعده. ولا سبيل لهم إلى أن يوجدونا عن أحد من الصحابة المنع من بيع المكاتب قبل أن يؤدي إلا تلك القولة الخاملة التي لا نعلم لها سندا ، عن ابن عباس.

قال أبو محمد : فبلحوا عند هذه , فقالت منهم عصبة : إنما بيعت كتابتها. .

فقلنا : كذبتم كذبا مفتعلا للوقت , وفي الخبر تكذيبكم بأن أم المؤمنين اشترتها وأعتقتها , وكان الولاء لها.

وقال بعضهم : إنها عجزت .

فقلنا : كذبتم كذبا مفتعلا من وقته , وفي الخبر : أن هذه القصة كانت بالمدينة , والعباس , وابنه عبد الله بها , وأن الكتابة كانت لتسع سنين في كل سنة أوقية , وأنها لم تكن بعد أدت شيئا.

ولا خلاف بين أحد من أهل العلم والرواية في أن العباس , وعبد الله لم يدخلا المدينة ، ولا سكناها , إلا بعد فتح مكة , ولم يعش النبي ﷺ مذ دخل المدينة بعد الفتح إلا عامين وأربعة أشهر , فأين عجزها وأين حلول نجومها تبارك الله ما أسهل الكذب على هؤلاء القوم في الدين. نعوذ بالله من البلاء

وروينا من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج قلت لعطاء : غلام كاتبته فبعته رقبة أو كاتبته فعجز قال عطاء : هو عبد للذي ابتاعه. وقاله أيضا : عمرو بن دينار , قلت لعطاء : فقضى كتابته فعتق قال عطاء : هو مولى للذي ابتاعه قلت لعطاء : كيف والكتابة عتق قال عطاء : كلا , ليست عتقا , إنما يقال في المكاتب يورث فلا يبيعه الذي ورثه إلا بإذن عصبة الذي كاتبه. وقاله أيضا : عمرو بن دينار , قال ابن جريج : قلت لعطاء : أذن لي في بيعه إخوتي بنو أبي ولم يأذن بنو جدي قال عطاء : حسبك أن يأذن لك وارثه من عصبته يومئذ , قال عطاء :

وأما مكاتب أنت كاتبته فبعته رقبة والذي عليه : فلا تستأذن فيه أحدا , فإن عجز فهو للذي ابتاعه , وإن عتق فهو مولى الذي ابتاعه. فهذا عطاء , وعمرو بن دينار : يجيزان بيع رقبة المكاتب بلا عجز , ولم يخالفهما ابن جريج. والعجب كله من إجازة بعضهم بيع كتابة المكاتب وهو حرام لأنه بيع غرر , ومنعوا من بيع رقبته قبل أن يؤدي وهو حلال طلق. ثم قالوا : إن أدى فعتق فولاؤه لبائع كتابته , وإن عجز فهو رقيق للمشتري كتابته وهذا تخليط لا نظير له لأنه بيع , لا بيع وتمليك للرقبة لمن لم يشترها وكل ذلك باطل.

واحتج بعضهم في منع بيعه بقول الله تعالى : {أوفوا بالعقود}.

قال أبو محمد : وهذا عليهم لا لهم ; لأنهم يرون تعجيزه إن عجز , وإبطال كتابته , ونسوا قول الله تعالى : {أوفوا بالعقود}. فقالوا : المسلمون عند شروطهم .

فقلنا : فأجيزوا شرطه على المكاتبة وطئها , كما فعل سعيد بن المسيب وغيره , فقالوا : هذا شرط ليس في كتاب الله تعالى .

فقلنا : والتعجيز شرط ليس في كتاب الله تعالى ، ولا فرق. ثم لم يختلفوا فيمن عقد على نفسه لله عز وجل عتق غلامه هذا إن أفاق أبوه أو قدم غائبه فإن له بيعه ما لم يقدم الغائب , وما لم يفق الأب فهلا منعوا من هذا ب أوفوا بالعقود.

فإن قالوا : قد لا يستحق العتق بموت الأب المريض , والغائب

قلنا : وقد لا يستحق المكاتب العتق عندكم بالعجز ، ولا فرق , فكيف وليس قوله تعالى : {أوفوا بالعقود} مانعا من البيع , وإنما هو مانع من أن يبطل عقده قاصدا إليه بالإبطال , فقط.

وأما وطء المكاتبة : فإننا

روينا من طريق أحمد بن حنبل ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث التنوري ، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب , قال : إذا كاتب الرجل أمته واشترط أن يغشاها حتى يؤدي مكاتبتها فلا بأس بذلك .

وبه يقول أبو ثور. والعجب : أن المانعين من وطئها اختلفوا , فقال الحكم بن عتيبة : إن حملت بطلت الكتابة وهي أم ولد. وقال الزهري : يجلد مائة , فإن حملت فهي أم ولد.

قال علي : ليت شعري كيف يجلد مائة في وطئه من تكون أم ولده إن حملت إن هذا لعجب , وإنما هو فراش أو عهر ، ولا ثالث. وقال قتادة : يجلد مائة سوط غير سوط , وهي كذلك إن طاوعته. وقال سفيان الثوري : لا شيء عليه إن وطئها ، ولا عليها , فإن حملت فهي بالخيار بين التمادي على الكتابة , وبين أن تكون أم ولد وتبطل الكتابة.

وقال أبو حنيفة , ومالك , كقول سفيان , إلا أنه زاد " إن تمادت على الكتابة أخذت منه مهر مثلها فاستعانت به في كتابتها " إلا أن مالكا زاد " أنه يؤدب ".

قال أبو محمد : ليت شعري لأي معنى تأخذ منه مهرا أهي زوجة له فيكون لها مهر هذا الباطل أم هي بغي فقد حرم رسول الله ﷺ مهر البغي , أم هي ملك يمينه فهي حلال ، ولا مهر لها أم هي محرمة بصفة , كالحائض , أو الصائمة , وما عدا ذلك فتخليط لا يعقل

وقال الشافعي : يعزران ولها مهر مثلها , وهي أم ولده وهذا تناقض كما ذكرنا. والعجب من احتجاجهم في المنع من وطئها بأن قالوا : قد خرجت من يده وصارت في يد نفسها , كالمرهونة.

قال علي : هذا كذب , ما خرجت عن يده , ولا عن ملكه , إلا بالأداء فقط , والدعوى لا تقوم بها حجة , والمرهونة حلال لسيدها , والمانع من وطئها مخطئ وهذا احتجاج للباطل بالباطل , وللدعوى بالدعوى , ولقولهم بقولهم. وقالوا : قد سقط ملكه عن منافعها ووطؤها من منافعها.

قال أبو محمد : هذا كذب , بل سقط ملكه عن رقبتها , وملك رقبتها من منافعها , وإنما الحق هاهنا أن منافعها له بلا خلاف , فلا يخرج عن ملكه منهما إلا ما أخرجه النص , ولا نص في منعه من وطئها ما لم تؤد.

وقال بعضهم : وطؤها كإتلاف بعضها وهذا غاية السخف ولئن كان كإتلاف بعضها إنه لحرام عليه قبل الكتابة , كما يحرم عليه إتلاف بعضها ، ولا فرق.

وأما قولنا " إن عاد إلى ملكه لم تعد الكتابة " فلأن كل عقد بطل بحق فلا يرجع إلا بابتداء عقده , أو بأن يوجب عودته بعد بطلانه نص , ولا نص هاهنا.

وأما إذا أديا شيئا فقد شرع العتق فيهما بمقدار ما أديا , ولا يحل بيع حر ، ولا بيع جزء حر , ولا وطء من بعضها حر ; لأنها ليست ملك يمينه حينئذ , بل بعضها ملك يمينه وبعضها غير ملك يمينه والوطء لا ينقسم , ولا يحل وطء حرام أصلا , فإن فعل فهو زان فعليه الحد , والولد غير لاحق

وهو قول الحسن البصري وله بيع ما في ملكه منهما , ولما ذكرنا من جواز بيع المرء حصته التي في ملكه.

وأما قولنا " إن مات السيد بطلت الكتابة , أو ما قابل ما لم يؤد منه " فلقول الله تعالى : {ولا تكسب كل نفس إلا عليها} وقد صح عن رسول الله ﷺ شروع العتق في المكاتب بالأداء , وبقاء سائره رقيقا , فإذا مات السيد فما عتق بالأداء حر لا يجوز أن يعود رقيقا , وما بقي رقيقا فقد ملكه : الورثة , والموصى لهم , أو الغرماء. ولا يجوز عقد الميت في مال غيره

وقد ذكرنا قبل قول الشعبي ليس لميت شرط وقال هؤلاء : إنما يرثون الكتابة وهذا باطل على أصولهم ; لأن الكتابة عندهم ليست دينا ، ولا مالا مستقرا واجبا , فبطل قولهم : إنها تورث.

وأما موت المكاتب : ففيه خلاف قديم , وحديث. فقالت طائفة : ماله كله لسيده ,

روينا ذلك من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن معبد الجهني , قال : قضى عمر بن الخطاب في المكاتب يموت وله ولد أحرار , وله مال أكثر مما بقي عليه : أن ماله كله لسيده. وعن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن طارق عن الشعبي عن زيد بن ثابت قال في المكاتب يموت وله ورثة : إن ماله كله لسيده.

ومن طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عطاء ، عن ابن عمر قال فيما ترك المكاتب : هو كله لسيده

وهو قول عمر بن عبد العزيز , وقتادة , والنخعي , والشافعي , وأحمد بن حنبل , وأبي سليمان , وأصحابهم.

وقالت طائفة : غير هذا ,

كما روينا من طريق حماد بن سلمة , وعبد الرزاق , قال حماد : ، حدثنا سماك بن حرب عن قابوس بن مخارق بن سليم عن أبيه , وقال عبد الرزاق : عن ابن جريج عن عطاء , ثم اتفقا عن علي في مكاتب مات وله ولد أحرار قال : يؤدي مما ترك ما بقي من كتابته , ويصير ما بقي ميراثا لولده.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة , والمعتمر بن سليمان , كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : كان ابن مسعود يقول في المكاتب إذا مات وترك مالا : أدى عنه بقية كتابته , وما فضل رد على ولده إن كان له ولد أحرار وبه كان يقضي شريح.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن معبد الجهني : أن معاوية قال في مكاتب مات وله ولد أحرار ومال : أن يعطى سيده بقية كتابته , ويكون ما بقي لولده الأحرار .

وبه يقول معبد.

وهو قول الحسن البصري , وابن سيرين , والنخعي , والشعبي : إن ذلك لورثته بعد أداء كتابته

وهو قول عمرو بن دينار.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : إذا كان للمكاتب أولاد معه في كتابته , وأولاد ليسوا معه في كتابته : فإنه يؤدي ما بقي من كتابته , ثم يقسم ولده جميعا ما بقي من ماله على فرائضهم.

وهو قول سفيان الثوري , والحسن بن حي , وأبي حنيفة , وإسحاق بن راهويه.

وقالت طائفة : غير هذا ,

كما روينا عن مالك ومن قلده : أن المكاتب إن كان معه في كتابته أمه وأبوه والجد , والجدة وبنوه وبناته , وبنو بنيه وبنو بناته , وإخوته وأخواته , وزوجاته أو بعض من ذكرنا , وقد كان كاتب على نفسه وعلى من ذكرنا كتابة واحدة , وكان له أولاد أحرار , وإخوة أحرار , وأبوان حران , فمات وترك مالا , فإنه يؤدي ما بقي من كتابته , ويرث من ذكرنا ممن كان معه في الكتابة ما بقي على قسمة المواريث. ، ولا يرثه أب حر , ولا أم حرة , ولا أولاد أحرار , ولا إخوة أحرار , أصلا , كان معه في الكتابة أحد من هؤلاء أو لم يكن. قال : فإن كان معه في الكتابة من لا يعتق على المرء إذا ملكه , كالعم وابن العم , وابن الأخ , فلا شيء لهم , والمال كله لسيده. واختلف قوله في الزوج والزوجة : فمرة قال : يرثان إذا كانا معه في كتابة واحدة ومرة قال : لا يرثانه. ولم يختلف قوله : أنهما لا يرثان إذا لم يكونا معه في الكتابة ، ولا نعلم هذا القول عن أحد من خلق الله تعالى قبله , وهذه فريضة ما سمع بأطم منها , وهي خلاف القرآن , والسنن , والمعقول , وقول كل أحد يعرف قوله.

وقالت طائفة : كما روينا من طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا أبو عوانة عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي , والشعبي , كلاهما عن علي بن أبي طالب , قال : المكاتب يرث بقدر ما أدى , ويحجب بقدر ما أدى , ويعتق منه بقدر ما أدى.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : أن علي بن أبي طالب قال في المكاتب : إنه يرث بقدر ما أدى , ويجلد الحد بقدر ما أدى , ويكون دينه بقدر ما أدى.

ومن طريق سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال علي بن أبي طالب : المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى.

ومن طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم النخعي : أنه سئل عن المكاتب فقال : إذا أدى قيمة رقبته فهو غريم , وإن مات أدى عنه بقية مكاتبته , وورث ولده بقدر ما عتق منه , وورث مواليه بقدر ما رق منه.

قال أبو محمد : أما قول مالك فتخاذله أشهر من أن يشتغل به , ويكفي منه أن لا يعرف عن أحد قبله , وأنه لم يأت به نص , ولا رواية فاسدة , ولا قياس , ولا يعقل.

وقال بعضهم : لما كان المكاتب ليس له حكم العبيد , ولا حكم الأحرار : وجب أن يكون لميراثه حكم آخر غير حكم العبيد في ميراثهم , وغير حكم الأحرار.

قال علي : فقلنا : فقولوا هكذا في حدوده , وأخرجوا له حدودا طريفة , وقولوا كذلك في ديته , وقولوا بمثل هذا في أم الولد , فكيف وأصلكم هذا باطل , ودعوى كاذبة , ولا فرق عندكم بينه وبين العبد , إلا أن سيده , لا ينتزع ماله , ولا يستخدمه , ولا يمنعه من التصرف والتكسب فقط , كما أنه لا فرق بين أم الولد , والأمة , إلا أنها لا تباع أبدا , ولا توهب أبدا , ولا تعود إلى حكم الرق أبدا. وقالوا أيضا : هذا المال كان موقوفا لعتق جميعهم , فكان كأنه لهم .

فقلنا : فاجعلوه بينهم على السواء بهذا الدليل , ولا تقسموه قسمة المواريث , وأدخلوا فيه كل من معه في الكتابة بهذا الدليل. وبالجملة فما ندري كيف انشرحت نفس أحد لقبول هذا القول على شدة فساده , مع أن أصله فاسد. ولا يجوز أن يكاتب أحد على نفسه وغيره كتابة واحدة ; لأنه شرط ليس في كتاب الله عز وجل , فهو باطل وبالله تعالى التوفيق.

وأما قول أبي حنيفة : فخطأ ظاهر أيضا ; لأنهم مقرون بأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم , فإذ هو كذلك , فإنما مات عبدا , وإذا مات عبدا فلا يمكن أن تقع الحرية على ميت بعد موته , فظهر فساد قولهم جملة. ولا يختلفون فيمن قال لعبده : أنت حر إذا زالت الشمس من يومنا هذا , فمات العبد قبل زوال الشمس بدقيقة , فإنه مات عبدا , ولا ترثه ورثته وماله كله لسيده.

وأما من قال : ماله كله لسيده , فإنما بنوا على أنه عبد ما بقي عليه درهم

وهذا قول قد بينا بطلانه بحكم رسول الله ﷺ أن المكاتب يشرع فيه العتق بقدر ما أدى ويرث بقدر ما عتق منه

فصح أن لذلك البعض حكم الحر ولباقيه حكم العبد في الميراث وفي كل شيء وبالله تعالى التوفيق.

وأما حمل المكاتبة فإنه ما لم تنفخ فيه الروح فهو بعضها كما قدمنا فله حكمها

وأما إذا نفخ فيه الروح فهو غيرها قال تعالى : {ثم أنشأناه خلقا آخر} وهو عند ذلك ذكر وهي أنثى , أو أنثى غيرها , فليس له ، ولا لها حكم الأم قال الله تعالى : {ولا تكسب كل نفس إلا عليها}.

فإن قيل : فهلا أجزتم عتق جميع المكاتب إذ بعضه حر بقول رسول الله ﷺ : من أعتق شقصا له في مملوك عتق كله وأوجبتم الأستسعاء بذلك الخبر

قلنا : لا يحل ضرب أحاديث رسول الله ﷺ بعضها ببعض , ولا أن يترك حكمه بحكم له آخر , بل كل أحكامه فرض اتباعها , وكل كلامه حق مسموع له ومطاع , وهو عليه السلام أمر بعتق من أعتق بعضه , إما على معتق بعضه إن كان له مال ,

وأما بالأستسعاء , وهو عليه السلام خص المكاتب بحكم آخر وهو عتق بعضه وبقاء بعضه رقيقا فقبلنا كل ما أمرنا به , ولم نعارض بعضه ببعض ولله تعالى الحمد , ومن تعاطى تعليم رسول الله ﷺ الدين فهو أحمق , وكلا هذين الحكمين قد صح فيهما اختلاف من سلف وخلف , وكلاهما نقل الآحاد الثقات , فليس بعضها أولى بالقبول من بعض وبالله تعالى التوفيق.


1692 - مسألة: ولا تحل الكتابة على شرط خدمة فقط , ولا على عمل بعد العتق ، ولا على شرط لم يأت به نص أصلا , والكتابة بكل ذلك باطل لقول رسول الله ﷺ: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل.


1693 - مسألة: ومن كوتب إلى غير أجل مسمى فهو على كتابته ما عاش السيد [ وهو ] وما لم يخرج عن ملك السيد فمتى أدى ما كاتب عليه عتق ; لأن هذه صفة كتابته وعقده فلا يجوز تعديه , ومن كوتب إلى أجل مسمى نجم واحد أو نجمين فصاعدا , فحل وقت النجم ولم يؤد , فقد اختلف الناس في ذلك. فروينا من طريق عبد الرزاق ، حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في المكاتب يؤدي صدرا من كتابته ثم يعجز قال : يرد عبدا , سيده أحق بشرطه الذي شرط. قال ابن جريج : وأخبرني إسماعيل بن أمية أن نافعا أخبره أن ابن عمر فعل ذلك. يعني أنه رد مكاتبا له في الرق , إذ عجز بعد أن أدى نصف كتابته.

ومن طريق الحجاج بن أرطاة عن حصين بن عبد الرحمن عن الشعبي أن عليا قال : إذا عجز المكاتب فأدخل نجما في نجم رد في الرق.

وروينا عن أبي أيوب الأنصاري أنه كاتب أفلح ثم بدا له فسأله إبطال الكتابة دون أن يعجز فأجابه إلى ذلك فرده عبدا ثم أعتقه بتلا. وقد ذكر ذلك مخرمة بن بكير عن أبيه : أنه لا بأس به.

وبه يقول أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وأبو سليمان. وقال هؤلاء : تعجيز المكاتب جائز بينه وبين سيده دون السلطان , إلا أن لمالك قولا , أنه لا يجوز التعجيز إلا بحكم السلطان. ثم اختلف القائلون بتعجيزه.

روينا من طريق حماد بن سلمة , وابن أبي عروبة كلاهما عن قتادة عن خلاص بن عمرو عن علي بن أبي طالب قال : إذا عجز المكاتب استسعى حولين زاد ابن أبي عروبة فإن أدى , وإلا رد في الرق وبهذا يقول الحسن البصري , وعطاء بن أبي رباح ولم يقل جابر , ولا ابن عمر بالتلوم , بل أرقه ابن عمر ساعة ذكر أنه عجز .

وبه يقول أبو سليمان , وأصحابنا.

وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن طارق بن عبد الرحمن عن الشعبي أن علي بن أبي طالب قال في المكاتب يعجز : إنه يعتق بالحساب يعني بحساب ما أدى. وقال ابن أبي ليلى , والحكم بن عتيبة , والحسن بن حي , وأبو يوسف , وأحمد بن حنبل : لا يرق حتى يتوالى عليه نجمان لا يؤديهما. وقال الأوزاعي : إذا عجز استوفي به شهران.

وقال أبو حنيفة , والشافعي : إذا عجز استوفى به ثلاثة أيام فقط ثم يرق

وقال مالك : يتلوم له السلطان بقدر ما يرى.

وروينا من طريق حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار قال : قال جابر بن زيد : إذا عجز المكاتب استسعى ,

وقد ذكرنا قبل قول عمر بن الخطاب , وعلي بن أبي طالب , وشريح إذا أدى النصف فلا رق عليه , وهو غريم وهو صحيح عنهم. وقول ابن مسعود : إذا أدى ثلث كتابته فهو غريم. وقول إبراهيم : إذا أدى ربع كتابته فهو غريم. وقول عطاء : إذا أدى ثلاثة أرباع كتابته فهو غريم. وقول ابن مسعود وشريح : إذا أدى قيمته فهو غريم وهو قول صحيح عنهما.

قال أبو محمد : ما نعلم لشيء من هذه الأقوال حجة , وأعجبها قول من حد التلوم ثلاثة أيام أو بشهرين , ومن جعل ذلك إلى السلطان أفرأيت إن لم يتلوم له السلطان إلا ساعة , إذ رأى أن يتلوم له خمسين عاما.

ثم نقول لجميعهم : لا تخلو الكتابة من أن تكون دينا لازما , أو تكون عتقا بصفة لا دينا , ولا سبيل إلى ثالث أصلا , لا في الديانة ، ولا في المعقول. فإن كانت عتقا بصفة فالواجب أنه ساعة يحل الأجل فلا يؤديه , فلم يأت بالصفة التي لا عتق له إلا بها فقد بطل عقده ، ولا عتق له , ولا يجوز التلوم عليه طرفة عين , كمن قال لغلامه : إن قدم أبي يومي هذا فأنت حر فقدم أبوه بعد غروب الشمس فلا عتق له. وهذا قول أصحابنا

وهو قول جابر , وابن عمر. وقد تناقضوا أقبح تناقض , ومنعوا من بيعه وإن لم يؤد شيئا. فصح أنها ليست عندهم عتقا بصفة , أو يكون دينا واجبا , فلا سبيل إلى إبطاله.

كما روينا عن جابر بن زيد

فنظرنا في ذلك. فوجدنا رسول الله ﷺ قد حكم بشروع العتق فيه بقدر ما أدى. فصح يقينا أنها دين واجب يسقط منه بقدر ما أدى منه كسائر الديون وأنه ليس عتقا بصفة أصلا ; لأن أداء بعض الكتابة ليس هو الصفة التي تعاقدا العتق عليها , فإذ هي كذلك فقد قال الله تعالى : {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}

وقال تعالى : {أوفوا بالعقود} فوجب الوفاء بعقد الكتابة , وأنه لا يجوز الرجوع فيها بالقول أصلا ووجبت النظرة إلى الميسرة ، ولا بد.

فإن قيل : فإذ هي دين كما تقول , فهلا حكمتم به وإن مات العبد أو السيد , أو خرج عن ملكه كما حكمتم في سائر الديون

قلنا : لم نفعل ; لأن ذلك ليس دينا مطلقا , وإنما هو دين يصح بثبات الملك , ويبطل ببطلان الملك , لأنه إنما وجب للسيد بشرط أن يعتقه بأدائه على العبد بشرط أن يكون بأدائه حرا فقط بهذا جاء القرآن , وفسرته السنة عن رسول الله ﷺ . فإذا مات السيد فقد بطل وجود المعتق , فبطل الشرط الذي كان عليه , وبطل الشرط عن العبد , إذ لا سبيل إلى تمامه أبدا. وإذا مات العبد فقد بطل وجوده , وبطل الشرط الذي كان له من العتق , فبطل دين السيد , إذ لا سبيل إلى ما كان يستحق ذلك الدين إلا به , وإن خرج عن ملكه فكذلك أيضا قد بطل عتقه في عبد غيره , فبطل ما كان له من الدين مما لا يجب له إلا بما قد بطل , ولا سبيل إليه. وبالله تعالى التوفيق.==

**

1694 - مسألة: ولا تصح الكتابة إلا بأن يقول له : إذا أديت إلي هذا العدد على هذه الصفة فأنت حر , فإن كان إلى أجل مسمى أو أكثر ذكر ذلك.

برهان ذلك أن العبد ملك للسيد , فلا يستحق عتقا إلا حتى يلفظ سيده له بالعتق , وإلا فلا ; لأنه لم يوجب ذلك نص ، ولا إجماع.


1965 - مسألة: ولا تجوز الكتابة على مجهول العدد , ولا على مجهول الصفة , ولا بما لا يحل ملكه , كالخمر والخنزير وغير ذلك. ولا يصح بشيء من ذلك عتق أصلا , ولا بكتابة فاسدة

وهو قول أبي سليمان وأصحابنا ; لأن كل ذلك غرر محرم ,

وقال الله تعالى : {إن الله لا يصلح عمل المفسدين}

وقال رسول الله : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وبالضرورة يدري كل ذي تمييز صحيح أن ما عقدا لا صحة له إلا بصحة ما لا صحة له فلا صحة له.

وقال الشافعي : الكتابة الفاسدة تفسخ ما لم يؤدها فإذا أداها عتق.

قال أبو محمد : هذا عين الفساد ، ولا يجوز أن يصح الباطل بتمامه , وقد قال تعالى : {ليحق الحق ويبطل الباطل}.

وقال رسول الله ﷺ : : ليس لعرق ظالم حق.

وقال مالك : إذا عقدت الكتابة بشرط فاسد بطل الشرط وصحت الكتابة.

قال علي : هذا غاية الخطأ , لأنه يلزمهما عقدا لم يلتزماه قط , ولا أمر الله تعالى بإلزامهما إياه , وإنما تراضيا الكتابة بهذا الشرط , وإلا فلا كتابة بينهما ,

فأما أن يصح شرطهما فتصح كتابتهما ,

وأما أن يبطل الشرط فلا كتابة هاهنا أصلا.

وقال أبو حنيفة : من كاتب على ثوب غير موصوف أو على حكمه , أو على ميتة , أو على ما لا يعرف له مقدار , فهي كتابة باطل , ولا عتق له وإن أدى , وإن كاتب على خمر محدودة , أو على خنزير موصوف , فإن أدى ذلك عتق , وعليه قيمته لمولاه.

قال علي : ما سمع بأنتن من هذا التقسيم , ولا بأفسد منه , وهم يقولون : من باع سلعة بثمن إلا أنهما لم يسميا ذلك الثمن ، ولا عرفاه , فهو بيع فاسد , وإن قبض المشتري السلعة وهي معه وأعتقه جاز عتقه. وكانت حجتهم هاهنا أقبح من قولهم ; لأنهم قالوا : العقود على الخمر والخنزير جائزة بين أهل الذمة , فلقد أنزلوا أنفسهم حيث لم ينزلهم من الأئتساء بأهل الذمة الكفار , وما جعل الله تعالى قط أهل الكفر أسوة , ولا قدوة , وإن في هذه لدلائل سوء نعوذ بالله من الخذلان , فكيف وما أحل ذلك بين أهل الذمة مذ بعث محمد ﷺ وما نعلم لهم في هذه الأقوال سلفا ، ولا لهم فيها متعلق بشيء


1696 - مسألة: والكتابة جائزة بما لا يحل بيعه إذا حل ملكه , كالكلب , والسنور , والماء , والثمرة التي لم يبد صلاحها , والسنبل الذي لم يشتد ; لأن كل ما ذكرنا مال حلال تملكه , وهبته , وإصداقه , والكتابة ليست بيعا وبالله تعالى التوفيق.


1697 - مسألة: ولا يحل للسيد أن ينتزع شيئا من مال مكاتبه مذ يكاتبه , فإن باعه قبل أن يؤدي ; أو باع منه ما قابل ما لم يؤد : فماله للبائع , إلا أن يشترطه المبتاع إذا باعه كله ,

وأما في بيع بعضه فماله له ومعه.

روينا من طريق حماد بن سلمة عن زياد الأعلم , وقيس , قال زياد : عن الحسن , وقال قيس : عن عطاء , ثم اتفقا جميعا : أن العبد إذا كاتبه مولاه وله مال وسرية وولد : أن ماله له , وسريته له , وولده أحرار

وكذلك العبد إذا عتق. وممن قال بقولنا : مالك , وأبو سليمان.

وقال أبو حنيفة : ماله لسيده وقال سفيان الثوري : المال للسيد إلا أن يشترطه المكاتب وقال الأوزاعي : ما عرفه السيد من مال العبد فهو للعبد , وما لم يعرفه فهو للسيد.

قال أبو محمد : مال العبد له , وجائز للسيد انتزاعه بالنص , فإذا كوتب فلا خلاف أن كسبه له , لا للسيد ولو كان للسيد انتزاعه لم يتم عتقه أبدا.

فصح أن حال الكتابة غير حاله قبلها , وكان ماله كله حكما واحدا في أنه ليس للسيد أخذه , إذ لم يأت بذلك في المكاتب نص.


1698 - مسألة: وولد المكاتب من أمته حر , وكذلك لو ملك ذا رحم محرمة منه , وله أن يكاتب أو يعتق للنصوص الواردة في كل ما ذكرنا ولم يخص الله تعالى مكاتبا من غيره وبالله تعالى التوفيق.


1699 - مسألة: وإذا حل النجم , أو الكتابة ووجبت , فضمانها من أجنبي جائز , وهو قول الزهري ; لأنه مال قد صح وجوبه للسيد , وهو دين لازم , فضمانه جائز. ولو بيع من العبد ما لم يؤد كان ما وجب عليه بعد دينا يتبع به ,

وأما قبل حلول النجم فلا ; لأنه لم يجب بعد ولعله يموت قبل وجوبه , أو يموت السيد فلا يجب على العبد.


1700 - مسألة: ولا تجوز مقاطعة المكاتب , ولا أن يوضع عنه بشرط أن يعجل ; لأنهما شرط ليس في كتاب الله عز وجل , وبيع ما لم يقبض وما لا يدري أهو في العالم أم لا

وقال مالك : وأبو حنيفة : مقاطعة المكاتب جائزة ببعض ما عليه , وبالعروض. وصح ، عن ابن عمر : أنه لا يجوز مقاطعته إلا بالعروض. فخالفا ابن عمر , ولا يعلم له في ذلك مخالف من الصحابة.

وقال الشافعي بقول ابن عمر , ولا حجة إلا في نص. وبالله تعالى التوفيق , وبه نتأيد.


1701 - مسألة: ولا تجوز كتابة بعض عبد ، ولا كتابة شقص له في عبد مع غيره لأن الله تعالى يقول : {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} وليس بعض العبد مما ملكت يمين مالك بعضه , ولا يقال فيه : إنه ملك يمينه أصلا , ولا أنه مما ملكت يمينه , ومن قال ذلك فقد كذب بيقين. فلو اتفق الشريكان معا على كتابة عبدهما أو أمتهما معا بلا فصل جاز ذلك , لأنهما حينئذ مخاطبون بالآية بخلاف الواحد ; لأنه يقال لسادات المشترك وإن كانوا جماعة : هذا العبد ملك يمينكم , ومما ملكت أيمانكم , فكان فعلهما هذا داخلا في أمر الله تعالى مع صحة خبر بريرة وأنها مكاتبة لجماعة , هكذا في نص الخبر.


1702 - مسألة: وإن كانت الكتابة نجمين فصاعدا , أو إلى أجل , فأراد العبد تعجيلها كلها , أو تعجيل بعضها قبل أجله : لم يلزم السيد قبول ذلك , ولا عتق العبد , وهي إلى أجلها , وكل نجم منها إلى أجله. لقول الله تعالى : {أوفوا بالعقود}. وليت شعري أين من خالفنا عن احتجاجهم ب المسلمون عند شروطهم.

وقال مالك : يجبر على قبض ذلك وتعجيل العتق للمكاتب.

وقال الشافعي : إن كانت الكتابة دراهم أو دنانير أجبر السيد على قبولها , وإن كانت عروضا لم يجبر.

قال أبو محمد : أما قول الشافعي : فتقسيم فاسد , لا دليل عليه لا من قرآن , ولا سنة , ولا رواية سقيمة , ولا قول أحد نعلمه قبله , ولا قياس , وما كان هكذا فهو باطل بلا شك. وقد يكون للسيد غرض في تأجيل الدراهم والدنانير ومنفعة ظاهرة من خوف لحقه أو رجاء ارتفاع سعر لدينه منهما , كما في العروض ، ولا فرق.

وأما المالكيون : فإنهم أوهموا أنهم يحتجون ب

ما روينا من طريق ابن الجهم ، حدثنا الوزان ، حدثنا علي ، حدثنا معاذ العنبري ، حدثنا علي بن سويد بن منجوف ، حدثنا أنس بن سيرين عن أبيه قال : كاتبني أنس بن مالك على عشرين ألفا , فكنت في مفتح تستر فاشتريت رثة فربحت فيها , فأتيت أنسا بجميع مكاتبتي , فأبى أن يقبلها إلا نجوما , فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال : أراد أنس الميراث , وكتب إلى أنس : أن اقبلها , فقبلها. وهذا أحسن ما روي فيه عن عمر وسائرها منقطع.

ومن طريق ابن وهب ، عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه كاتب عبدا له فلما فرغ من كتابته أتاه العبد بماله كله , فأبى الحارث أن يأخذه وقال : لي شرطي , فرفع ذلك إلى عثمان , فقال له عثمان : هلم المال فاجعله في بيت المال فتعطيه منه في كل حل ما يحل , فأعتق العبد.

قال أبو محمد : هذا عجيب جدا إذ رأى عمر , وعثمان إجابة السيد إلى كتابة عبده إذا طلبها العبد , وخالفه أنس ,

واحتج عمر , وعثمان بالقرآن كان قول أنس حجة , وكان قول عمر , وعثمان ليس بحجة , وإذا وافق قول عمر , وعثمان رأي مالك , خالفهما أنس , والحارث بن هشام , وهما صاحبان , والقرآن : صار قول عمر , وعثمان حجة , ولم يكن قول أنس حجة " إن هذا لعجب وحسبنا الله ونعم الوكيل ". فإن موهوا بتعظيم أمر العتق

قلنا : أين كنتم عن هذا التعظيم إذ لم توجبوا الكتابة فرضا لعتق العبد إذا طلبها والقرآن يوجب ذلك , وعمر , وعثمان , وغيرهما. وأين كنتم عن هذا التعظيم إذ رددتم المكاتب رقيقا من أجل دينار أو درهم بقي عليه لم يقدر عليه فبادرتم وأبطلتم كل ما أعطى ولم تؤجلوه إلا ثلاثة أيام , وبعضكم أيضا : أمرا يسيرا , وأنتم بزعمكم أصحاب نظر , فأي فرق بين طلب العبد تعجيل جميع ما عليه ليتعجل العتق والسيد يأبى إلا شرطه الجائز بالقرآن , والسنة , والإجماع : فتجبرون السيد على ما لا يريد , وبين أن يريد السيد تعجيل الكتابة كلها ليتعجل عتق العبد والعبد قادر على ذلك , إلا أنه يأبى إلا الجري على نجومه فلا تجبرونه على ذلك , فهل في التخاذل والتحكم بالباطل والمناقضة أكثر من هذا.


1703 - مسألة: وفرض على السيد أن يعطي المكاتب مالا من عند نفسه ما طابت به نفسه , مما يسمى مالا في أول عقد للكتابة , ويجبر السيد على ذلك. فلو مات قبل أن يعطيه كلف الورثة ذلك من رأس المال مع الغرماء.

برهان ذلك قول الله تعالى : {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} فهذا أمر لا يجوز تعديه

وهو قول الشافعي , وأبي سليمان , إلا أن الشافعي تناقض , فرأى قول الله تعالى : {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} على الندب ورأى

وقوله تعالى : {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} على الوجوب وهذا تحكم , وكلا الأمرين لم يجد فيه عددا ما أحدهما : موكول إلى السيد , والآخر : موكول إليه وإلى العبد بالمعروف , مما لا حيف فيه ، ولا مشقة , ولا حرج عليهما.

وقال أبو حنيفة , ومالك : كلا الأمرين ندب قوله تعالى : {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} أمر للسيد ولغيره.

قال أبو محمد : هذا خطأ. أما قولهم " كلا الأمرين ندب " فلا يحل أن يحمل قول الله تعالى : افعلوا , على : لا تفعلوا إن شئتم ، ولا يفهم هذا المعنى أحد من هذا اللفظ وهذه إحالة لكلام الله تعالى عن مواضعه إلا بنص آخر ورد بذلك.

وأما قولهم " إنه أمر للسيد وغيره " فباطل ; لأنه معطوف على قوله : فكاتبوهم. فصح ضرورة أن المأمورين بالكتابة لهم : هم المأمورون بإتيانهم من مال الله , لا يفهم أحد من هذا الأمر غير هذا فظهر فساد قولهم وتحكمهم بالدعوى بلا دليل.

وروينا هذا القول : أنه حث عليه السيد وغيره عن بريدة الأسلمي من طريق فيها الحسن بن واقد وهو ضعيف ، ولا حجة في أحد دون رسول الله ﷺ

وقالت طائفة : أمر بذلك السيد وغيره , فهؤلاء رأوه واجبا.

كما روينا من طريق سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم عن يونس , والمغيرة , قال يونس : عن الحسن وقال المغيرة : عن إبراهيم ثم اتفقا في قول الله تعالى : {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال : أمر الله تعالى مولاه والناس أن يعينوا المكاتب.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عبد الأعلى ، حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي وشهدته كاتب عبدا له على أربعة آلاف فحط عنه ألفا في آخر نجومه ثم قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم الربع مما تكاتبوهم عليه.

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي ، حدثنا علي بن عبد الله ، هو ابن المديني ، حدثنا المعتمر بن سليمان عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد في قوله تعالى : {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال : ربع الكتابة

وروينا أيضا في أنه عشر الكتابة.

وروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قول الله تعالى : {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال : هو العشر يترك له من كتابته. وممن قال : إنه واجب

كما روينا من طريق وكيع ، حدثنا أبو شبيب عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن عمر بن الخطاب كاتب مولى له يقال له : أبو أمية , فجاءه بنجمه حين هل فقال له عمر : يا أبا أمية اذهب فاستعن به , فقال : يا أمير المؤمنين لو كان هذا في آخر نجم فقال عمر : لعلي لا أدركه , قال عكرمة ثم قرأ : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم

ومن طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا المبارك بن فضالة حدثتني أمي عن أبي عن جدي عبيد الله الجحدري قال المبارك : وحدثني ميمون بن جابان عن عمي عن جدي , قال : سألت عمر بن الخطاب المكاتبة قال لي : كم تعرض قلت : مائة أوقية , قال : فما استزادني , قال : فكاتبني وأرسل إلى حفصة أم المؤمنين إني كاتبت غلامي , وأردت أن أعجل له طائفة من مالي فأرسلي إلي بمائتي درهم إلى أن يأتيني شيء فأرسلت بها إليه , فأخذها عمر بيمينه وقرأ : والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم خذها بارك الله فيها

قال أبو محمد : لقد كان أشبه بأمور الدين , وأدخل في السلامة أن يقول الحنفيون بقول علي في هذه المسألة , وأن يقولوا : مثل هذا لا يقال بالرأي منهم , حيث يقولون ما يضحك الثكالى , ويبعد من الله تعالى , ومن المعقول : أنه إن انكشف في فخذ الحرة في الصلاة , أو من الساق , أو من البطن , أو من الذراع , أو من الرأس الربع : بطلت الصلاة , فإن انكشف أقل لم تبطل الصلاة , لا سيما وقد

روينا من طريق إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق ، حدثنا ابن جريج عن عطاء بن السائب عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب عن النبي ﷺ : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال : ربع الكتابة.

ومن طريق الدبري عن عبد الرزاق ، حدثنا ابن جريج أخبرني عطاء بن السائب أن عبد الله بن حبيب هو أبو عبد الرحمن السلمي أخبره عن علي بن أبي طالب عن النبي ﷺ : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال : ربع الكتابة ,

قال علي : فإن قيل : فلم لم تأخذوا بهذا الحديث

قلنا : لأن ابن جريج لم يسمع من عطاء بن السائب إلا بعد اختلاط عطاء.

وروينا من طريق العقيلي ، حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا أبو النعمان عن يحيى بن سعيد القطان قال : تغير حفظ ابن السائب بعد وحماد بن زيد سمع منه قبل أن يتغير.

ومن طريق العقيلي ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، حدثنا علي ، هو ابن المديني قال : كان يحيى بن سعيد القطان لا يروي حديث عطاء بن السائب إلا عن شعبة , وسفيان

قال أبو محمد : فصح اختلاطه , فلا يحل أن يحتج من حديثه إلا بما صح أنه كان قبل اختلاطه , وهؤلاء الذي ذكرنا لم يرو أحد منهم عنه إلا موقوفا على علي رضي الله عنه

وأما هم فإذا وافق الخبر رأيهم لم يعللوه وإن كان موضوعا فإذ قد سقط هذا الخبر فلا حجة لأهل هذه المقالة.

واحتج القائلون بأنه على الندب بحديث كتابة سلمان رضي الله عنه وبحديث عائشة أم المؤمنين أن جويرية أم المؤمنين وقعت في سهم ثابت بن قيس أو ابن عم له فكاتبها فأتت رسول الله ﷺ تستعينه فقال لها عليه الصلاة والسلام : أو خير من ذلك أقض عنك كتابتك وأتزوجك قالوا : فلم يذكر في هذين الخبرين إيتاء مال المكاتب.

قال علي : لا حجة لهم في شيء من هذا. أما خبر سلمان فإن مالكه كان يهوديا غير ذمي , بل منابذ لا تجري عليه أحكام الإسلام , فلا متعلق لهم بهذا.

وأعجب شيء احتجاجهم به فيما ليس فيه له ذكر من إيتاء المال , ومخالفتهم له فيما أجازه فيه نصا رسول الله ﷺ من إحياء ثلاثمائة نخلة , وأربعين أوقية من ذهب إلى غير أجل مسمى , ولا مقبوضة , وهم لا يجيزون شيئا من هذا , فسبحان من أطلق ألسنتهم بهذه العظائم التي يجب أن يردع عنها الحياء , وأن يردع عنها الدين.

وأما خبر جويرية : فليس فيه على ماذا كاتبها , ولا هل كاتب إلى أجل أم إلى غير أجل , فيلزم على هذا أن يكون حجة في إجازة الكتابة إلى غير أجل , وكل كتابة أفسدوها إذ لم يذكروا فيها إيتاء المال , فليس فيه : أنها لم تؤت المال , فلا متعلق لهم به , فكيف وهي كتابة لم تتم بلا شك ; لأنه لم يقل أحد من أهل العلم : أن جويرية أم المؤمنين كانت مولاة لثابت , ولا لأبن عمه , بل قد صح أن رسول الله ﷺ أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها. فبطل كل ما موهوا به والحمد لله رب العالمين. وقالوا : لو كان فرضا لكان محدود القدر.

قال أبو محمد : فقلنا : من أين قلتم هذا وما المانع من أن يفرض الله تعالى علينا عطاء يكله إلى اختيارنا وأي شيء أعطيناه كنا قد أدينا ما علينا. وهلا قلتم هذا في المتعة التي رآها الحنفيون , والشافعيون فرضا وهي غير محدودة القدر وهلا قال هذا المالكيون في الخراج المضروب على الأرض المفتتحة عنوة وهو عندهم فرض غير محدود القدر وكما قالوا فيما أوجبوا فيه الحكومة فرضا من الخراج وهو غير محدود القدر فسبحان من جعل لهم عند أنفسهم وفي ظنهم : أن يتعقبوا على الله تعالى حكمه بما لا يتعقبونه على أنفسهم فيما يشرعونه في الدين بآرائهم. وحسبنا الله ونعم الوكيل. تم كتاب الكتابة والحمد لله رب العالمين. ==

**
======================
 
 ال

المحلى ابن حزم - المجلد الرابع/كتاب صحبة ملك اليمين

فهرست مسأله 1704 - 1706)

كتاب صحبة ملك اليمين

كتاب صحبة ملك اليمين (مسأله 1704 - 1706)
فهارس كتاب صحبة ملك اليمين

1704 - مسألة: لا يجوز للسيد أن يقول لغلامه: هذا عبدي, ولا لمملوكته: هذه أمتي
1705 - مسألة: فرض على السيد أن يكسو مملوكه ومملوكته
1706 - مسألة: لا يحل لأحد أن يسمي غلامه: أفلح, ولا يسار, ولا نافع, ولا نجيح, ولا رباح 


اول الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب صحبة ملك اليمين

1704 - مسألة: لا يجوز للسيد أن يقول لغلامه : هذا عبدي , ولا لمملوكته : هذه أمتي , لكن يقول : غلامي , وفتاي , ومملوكي , ومملوكتي وخادمي , وفتاتي. ولا يجوز للعبد أن يقول : هذا ربي , أو مولاي , أو ربتي. ولا يقل أحد لمملوك : هذا ربك , ولا ربتك , لكن يقول : سيدي. وجائز أن يقول المرء لأخر : هذا عبدك , وهذا عبد فلان , وأمة فلان , ومولى فلان ; لأن النهي لم يرد إلا فيما ذكرنا فقط. وجائز أن يقول : هؤلاء عبيدك , وعبادك , وإماؤك.

روينا من طريق أبي داود ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ ، أنه قال : لا يقل أحدكم : عبدي , وأمتي , ولا يقولن المملوك : ربي , وربتي , وليقل المالك : فتاي , وفتاتي , وليقل المملوك : سيدي , وسيدتي , فإنكم : المملوكون , والرب : الله عز وجل.

ومن طريق عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يحدث عن رسول الله قال : لا يقل أحدكم : أطعم ربك اسق ربك , وضئ ربك , ولا يقل أحدكم : ربي , وليقل : سيدي , ولا يقل : مولاي , ولا يقل أحدكم : عبدي أمتي , وليقل : فتاي , فتاتي , غلامي.

ومن طريق مسلم ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : ولا يقل العبد لسيده : مولاي , فإن مولاكم الله

قال أبو محمد : في هذه الرواية زيادة النهي عن قول : مولاي , والنهي هو الزائد , والوارد برفع الإباحة.

ومن طريق أبي داود ، حدثنا ابن السرح ، حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو ، هو ابن الحارث أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدثه عن أبي هريرة بهذا الخبر , فأسنده عن أبي هريرة : همام بن منبه , وأبو صالح , وابن سيرين , وعبد الرحمن والد العلاء وروى عن أبي هريرة من فتياه : أبو يونس غلامه ، ولا يعلم له مخالف من الصحابة.

وقال الله عز وجل : {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} فإن احتج محتج بقول يوسف عليه السلام إنه ربي أحسن مثواي وقوله : اذكرني عند ربك فتلك شريعة , وهذه أخرى , وتلك لغة , وهذه أخرى , وقد كان هذا مباحا عندنا وفي شريعتنا حتى نهى رسول الله ﷺ عن ذلك. وقد قال يوسف عليه السلام : توفني مسلما وألحقني بالصالحين وقد نهينا عن تمني الموت.


1705 - مسألة: وفرض على السيد أن يكسو مملوكه , ومملوكته , مما يلبس ولو شيئا وأن يطعمه مما يأكل ولو لقمة وأن يشبعه ويكسوه بالمعروف , مثل ما يكسى ويطعم مثله , أو مثلها , وأن لا يكلفه ما لا يطيق.

روينا من طريق البخاري ، حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا شعبة ، حدثنا واصل الأحدب سمعت المعرور بن سويد قال : رأيت أبا ذر الغفاري وعليه حلة , وعلى غلامه حلة , فسألناه عن ذلك فقال : إن رسول الله ﷺ قال له : إخوانكم خولكم جعلهم الله تعالى تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل , وليلبسه مما يلبس , ولا تكلفوهم ما يغلبهم , فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم.

ومن طريق مسلم ، حدثنا هارون بن معروف , ، ومحمد بن عباد , قالا جميعا : ، حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت أنه سمع أبا اليسر وقد لقيه وعليه بردة ومعافري , وعلى غلامه بردة ومعافري , فقال له في ذلك , فقال له أبو اليسر : بصر عيناي هاتان , وسمع أذناي هاتان , ووعاه قلبي رسول الله ﷺ وهو يقول : أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تكسون. قال أبو اليسر : فكان إذا أعطيته من متاع الدنيا أهون علي من أن يأخذ من حسناتي يوم القيامة.

وروينا مثل هذا عن أبي بكر الصديق , ولا مخالف لهم من الصحابة ، رضي الله عنهم ، أصلا.


1706 - مسألة: ولا يحل لأحد أن يسمي غلامه : أفلح , ولا يسار , ولا نافع , ولا نجيح , ولا رباح وله أن يسمي أولاده بهذه الأسماء. وله أن يسمي مماليكه بسائر الأسماء , مثل : نجاح , ومنجح , ونفيع , وربيح , ويسير , وفليح , وغير ذلك , لا تحاش شيئا.

روينا من طريق مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى : أنه سمع المعتمر بن سليمان يحدث أنه سمع الركين بن الربيع بن عميلة يحدث عن أبيه عن سمرة بن جندب قال : نهانا رسول الله ﷺ أن نسمي رقيقنا بأربعة أسماء : أفلح , ورباح , ويسار , ونافع.

ومن طريق مسلم ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، حدثنا زهير بن معاوية , ، حدثنا منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن الربيع بن عميلة عن سمرة بن جندب , قال : قال رسول الله ﷺ : لا تسمين غلامك يسارا , ولا رباحا , ولا نجيحا , ولا أفلح , فإنك تقول : أثم هو فيقول : لا إنما هن أربع , فلا تزيدن علي.

قال علي : ورويناه من طرق

قال أبو محمد فخالف قوم هذا ودفعوه بأن قالوا : قد صح يقينا من طريق جابر ، أنه قال : أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن ينهى أن يسمى ب يعلى وبركة , وأفلح ونافع , ويسار , وبنحو ذلك ثم رأيته سكت بعد عنها , ثم قبض ﷺ ولم ينه عن ذلك , ثم أراد عمر بن الخطاب أن ينهى عن ذلك , ثم تركه.

قال أبو محمد : ليس من لم يعلم حجة على من علم , جابر يقول ما عنده ; لأنه لم يسمع النهي , وسمرة يقول ما عنده , لأنه سمع النهي , والمثبت أولى من النافي ; لأن عنده علما زائدا لم يكن عند جابر , ولا يمكن الأخذ بحديث جابر إلا بتكذيب سمرة , ومعاذ الله من هذا , فكيف وكثير من الأسماء التي ذكرها جابر لم ينه عنها أصلا

فصح أن حديث سمرة ليس مخالفا لأكثر ما في حديث جابر ; لأن جابرا ذكر : أنه عليه الصلاة والسلام لم ينه عن تلك الأسماء التي ذكر , وصدق وذكر سمرة : أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بعضها , وصدق. وقالوا : قد روي أن رسول الله ﷺ كان له غلام أسود اسمه : رباح , يأذن عليه وقد غاب عن عمر أمر جزية المجوس وهو أشهر من النهي عن هذه الأسماء , فما المانع من أن يغيب عن جابر , وطائفة معه : النهي عن هذه الأسماء , وقد غاب ، عن ابن عمر النهي عن كري الأرض ثم بلغه في آخر عمره فرجع إليه وهو أشهر من هذه الأسماء

وأما تسمية غلام رسول الله ﷺ رباحا : فإنما انفرد به عكرمة بن عمار وهو ضعيف فلا حجة فيه ولو صح لكان موافقا لمعهود الأصل , وكان النهي شرعا زائدا لا يحل الخروج عنه وقالوا : قول النبي ﷺ : " فإنك تقول : أثم هو فيقول : لا " بيان بالعلة في ذلك , وهي علة موجودة في : خيرة وخير , وسعد وسعيد , ومحمود , وأسماء كثيرة : فيجب المنع منها عندكم أيضا

قلنا : هذا أصل أصحاب القياس , لا أصلنا , وإنما نجعل نحن ما جعله الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام سببا للحكم في المكان الذي ورد فيه النص فقط , لا نتعداه إلى ما لم ينص عليه برهاننا على صحة ذلك أنه عليه الصلاة والسلام لو أراد أن يجعل ذلك علة في سائر الأسماء لما عجز عن ذلك بأخصر من هذا اللفظ الذي أتى به : فهذا حكم البيان , والذي ينسبونه إليه عليه الصلاة والسلام من أنه أراد أشياء كثيرة فتكلف ذكر بعضها , وعلق الحكم عليه , وأخبر بالسبب في ذلك , وسكت عن غير ذلك : هو حكم التلييس , وعدم التبليغ , ومعاذ الله من هذا. ولا دليل لكم على صحة دعواكم إلا الدعوى فقط , والظن الكاذب. وقالوا : قد سمى ابن عمر غلامه : نافعا , وسمى أبو أيوب غلامه : أفلح بحضرة الصحابة

قلنا : قد غاب بإقراركم عن أبي أيوب وجوب الغسل من الإيلاج , وغاب ، عن ابن عمر حكم كري الأرض , وغير ذلك , فأيما أشنع مغيب مثل هذا , أو مغيب النهي عن اسم من الأسماء : فبطل كل ما شغبوا به , ولا حجة في أحد على رسول الله ﷺ . تم كتاب صحبة ملك اليمين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد عبده ورسوله وسلم تسليما كثيرا. =
=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج1وط2.كتاب : الأمثال المؤلف : أبو عبيد ابن سلام

  ج1وج2.كتاب  الأمثال أبو عبيد ابن سلام المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمّد وآله رأيت في أوّل نسخة الشيخ الإمام أبي...